المدن - الأحد 2025/07/13
سليمان بختي
غيب الموت في بيروت المناضلة والصحافية والمؤرخة القديرة بيان نويهض الحوت عن عمر أهدته للقضية العربية.
ولدت بيان نويهض الحوت في القدس عام 1937 ودرست في كلية سميدت للبنات. هاجرت بعد النكبة الى الأردن وتابعت دراستها في دار المعلمات في رام الله. في أواخر الخمسينيات عادت إلى موطنها لبنان وأتمت دراستها العليا ونالت الدكتوراه في العلوم السياسية من الجامعة اللبنانية بإشراف الدكتور انيس صايغ. عملت في الصِّحافة، اذ بدأت الكتابة في مجلة "دنيا المرأة" ثم انضمت إلى دار الصياد واستمر عملها في دار الصياد حتى العام 1966 وفي أرشيفها مقابلات مع ساطع الحصري وزكي الأرسوزي والمهدي بن بركه وغيرهم. انتسبت إلى حزب البعث العربي الاشتراكي وكانت تنقل الرسائل من عمان إلى مناضلين أردنيين وسوريين في دمشق. استقالت من الحزب بعد الانفصال بين سوريا ومصر عام 1961. وانضمت إلى جبهة تحرير فلسطين. رأست قسم التوثيق في مركز الأبحاث الفلسطيني وفي مركز دراسات الوحدة العربية. تأثرت بيان بوالدها المناضل العربي عجاج نويهض ووالدتها الروائية والشاعرة جمال سليم نويهض وبخالها المجاهد فؤاد سليم وابنة خالتها الشاعرة والناقدة سلمى الخضراء الجيوسي. ولكن بيان نويهض الحوت هي أيضا ابنة تجرِبة بيروت الحداثية في الشعر والصحافة والأدب ولها حصة في أمكنتها الأثيرة من مطعم فيصل إلى "خميس" مجلة شعر إلى النادي الثقافي العربي إلى مقهى الدولتشي فيتا.
تركت بيان نويهض الحوت العديد من المؤلفات نذكر منها: "القيادات السياسية في فلسطين 1917-1948 "و"الشيخ المجاهد عز الدين القسام في تاريخ فلسطين" و"فلسطين القضية الشعب الحضارة التاريخ السياسي من عهد الكنعانيين حتى القرن العشرين" و"مذكرات عجاج نويهض- ستون عاما مع القافلة العربية" وكتابها القيم الوثيقة "صبرا وشاتيلا أيلول 1982". وفيه ردت على تقرير لجنة كاهانا مثبتة ما حدث بأنه مجزرة عنصرية. وكان أخر ما أشرفت على إخراجه قبل أن يدهمها المرض كتاب "أحاديث ومراسلات عجاج نويهض 2022"..
نالت جائزة القدس للثقافة والإبداع في العام 2015
كان في قلبها وفاء كبير لوالدتها جمال سليم ام خلدون، فجمعت في العام 2012 الخماسية الروائية التي أنتجتها والدتها وهي" مواكب الشهداء" و"الحمامة البيضاء" و"من أجل أمي" و"غربة في الوطن" و"الفدائي". وتروي جمال سليم في هذه الخماسية فصولًا من نضال الشعب الفلسطيني. وعملت أيضا على جمع الأعمال الشعرية لوالدتها تحت عنوان "زيزفونة الدرب" ورافقت عن كثب عملها الدؤوب والدقيق من أجل سيرة شعرية وجدانية قومية إنسانية كتبتها والدتها بلغة مقطرة تستهدف المعنى والبيان وصدرت عن دار نلسن في العام 2021.
كنتُ أحادثها في منزلها وهي جالسة تحت لوحة عزالدين شموط وأقول لها متى نقرأ مذكراتك تحت عنوان "على أجنحة الذاكرة". تبتسم وتقول حتى أنجز التزاماتي مع والدي ووالدتي. كانت حاضرة الذهن وتفكر بمشاريع وكتب ولكن قلبها وعقلها كان ينبض مع القافلة العربية العائدة إلى فلسطين.
